Skip to main content

 غياب لغة الإشارة في المحتوى الإعلامي للقنوات التلفزيونية الليبية

|

المنشور على الإنترنت

 إعداد:   

عزالدين عمر قريفة، مدير إدارة الرصد / المكلف

فريق الرصد:

ميسون امحمد الباشا

آمنة محمد الأشتر

تحرير ومراجعة: رضاء الهادي، مدير مكتب الخبراء بالهيئة

الإشراف العام: جلال محمد عثمان، رئيس الهيئة العامة لرصد المحتوى الإعلامي

مقدمة    

     رغم وجود العديد من القوانين والمبادرات والقرارات الحكومية المتعلقة بشريحة الصم وضعاف السمع، وذلك لتذليل الصعوبات التي تواجههم، إلا إن هذه الشريحة ما تزال تعاني من التهميش، وهضم حقوقها المشروعة، وعدم مساعدتها في الاندماج بالصورة الصحيحة داخل المجتمع.

    ومن أشكال التهميش الذي تعاني منه هذه الشريحة، عدم وجود محتوى مرئي خاص بها في القنوات التلفزيونية الليبية والمتضمنة للغة الإشارة، والتي تعتبر وسيلة التواصل الوحيدة بين هذه الشريحة وباقي فئات المجتمع.

    ويوجد 70 مليون أصم في كل أنحاء العالم بحسب إحصاءات الاتحاد العالمي للصم. يعيش 80% من أولئك الصم في البلدان النامية، ويستخدمون أكثر من 300 لغة إشارة.

ما هي لغة الإشارة؟

   لغات الإشارة هي لغات طبيعية مكتملة الملامح على الرغم من اختلافها هيكليًا عن لغات الكلام التي تتعايش معها جنبًا إلى جنب. وتتمثل لغة الإشارة في مجموعة من الحركات، والإيماءات، والتعابير الجسدية المتعارف عليها، لترجمة مضمون الكلام، كما توجد لغة إشارة دولية يستخدمها الصم في اللقاءات الدولية، وأثناء ترحالهم وممارسة نشاطاتهم الاجتماعية.

حقوق الصم وضعاف السمع في المواثيق الدولية

   ورد في المادة (2) من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة: التمييز على أساس الإعاقة “يعني أي تمييز أو استبعاد أو تقييد على أساس الإعاقة يكون غرضه أو أثره إضعاف أو إحباط الاعتراف بكافة حقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، على قدم المساواة مع الآخرين، في الميادين السياسية والاقتصادية، أو الاجتماعية أو الثقافية أو المدنية أو أي ميدان آخر. ويشمل جميع أشكال التمييز، بما في ذلك الحرمان من ترتيبات تيسيرية معقولة.

   كما ورد في المادة (9): لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من العيش في استقلالية والمشاركة بشكل كامل في جميع جوانب الحياة، تتخذ الدول الأطراف التدابير المناسبة التي تكفل إمكانية وصول الأشخاص ذوي الإعاقة، على قدم المساواة مع غيرهم، إلى البيئة المادية المحيطة ووسائل النقل والمعلومات والاتصالات، بما في ذلك تكنولوجيات ونظم المعلومات والاتصال، والمرافق والخدمات الأخرى المتاحة لعامة الجمهور أو المقدمة إليه، في المناطق الحضرية والريفية على السواء. وهذه التدابير، التي يجب أن تشمل تحديد العقبات والمعوقات أمام إمكانية الوصول وإزالتها.

اليوم العالمي للغات الإشارة

   وفي 23 سبتمبر 2018 أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة كأول يوم عالمي للغات الإشارة، لزيادة الوعي العام بلغات الإشارة وأهميتها الحقوقية الحيوية، حيث أشادت منظمة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش) باليوم العالمي وقالت في بيان صحفي إن لغة الإشارة بالنسبة لمجتمع الصم ليست مجرد وسيلة تواصل؛ فهي ضرورية لتأمين الحقوق الأساسية، وهي جزء من الانتماء إلى المجتمع.

أهمية إدارج لغة الإشارة في المحتوى الإعلامي المرئي

  إن إدراج لغة الإشارة للمحتوى الإعلامي المرئي يمكنهم من معرفة الأحداث اليومية والمعلومات المتنوعة التي ستساعدهم بشكل كبير في الإندماج مع باقي فئات المجتمع، والاستفادة من قدراتهم ومواهبهم في خدمة البلاد، كذلك إعطائهم مساحة كافية للتعبير عن آرائهم والمطالبة بحقوقهم المشروعة التي تضمن لهم حياة كريمة، والمشاركة في الانتخابات وصناعة القرار.

رصد لغة الإشارة في القنوات الفضائية الليبية

   حيث إن الهيئة العامة لرصد المحتوى الإعلامي تهتم بضمان حصول فئة الأشخاص ذوي الإعاقة على فرصة متكافئة في وسائل الإعلام، قام فريق من قسم رصد المحتوى الإعلامي برصد المحتوى المرئي لمجموعة من القنوات الليبية، لمعرفة مدى اهتمامها بشريحة الصم وضعاف السمع من خلال ما تقدمه من برامج ونشرات وغيرها.

حجم العينة وفترة الرصد

    تم رصد عدد 10 قنوات فضائية ليبية لمدة 14 يومًا، إبتداءً من يوم الأحد الموافق 13/10/2024 وحتى يوم السبت الموافق 26/10/2024، مع ملاحظة أنه تم رصد القنوات وفق ما تبثه من محتوى مرئي على منصاتها في وسائل التواصل الاجتماعي، وإن بعض القنوات تبث جزءً من محتواها في القناة فقط، كما تم حصر البرامج والنشرات دون تكرار، حيث إن معظمها يبث بشكل يومي، ومنها ما يبث أسبوعيًا.

وكانت النتائج على النحو الآتي:

ومن خلال الجدول الموضح نرى أن نسبة المحتوى الإعلامي المرئي الذي صحبته ترجمة بلغة الإشارة لم يتجاوز 3% من مجموع ما تم رصده في القنوات الفضائية في فترة الرصد، مما يعني  تهميشًا واضحًا لشريحة الصم وضعاف السمع، نتيجة لعدم وجود ترجمة بلغة الإشارة لكامل المحتوى، أو لنسبة عالية منه، باستثناء تلفزيون التناصح، والذي كان النسبة الأعلى من بين جميع القنوات بنسبة 17% من مجموع ما تم رصده من محتوى إعلامي يبثه التلفزيون على صفحته على موققع فيسبوك أو يوتيوب، كما تم رصد برنامج ” مع دار الإفتاء” من الصفحة الخاصة بالبرنامج خلال فترة الرصد المحددة، ووجد أن عدد الحلقات التي عرضت هي 6 حلقات، مع وجود حلقة واحدة دون ترجة لغة الإشارة. كما تم رصد التغطية الإعلامية لإطلاق “الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية” بتاريخ 22/10/2024 والتي صحبها وجود مترجم للغة إشارة، حيث نقلتها بعض القنوات وهي (قناة ليبيا الوطنية، وقناة ليبيا الرسمية، وقناة فبراير) بالإضافة الى منصة حكومتنا، وقد لاحظ فريق الرصد أثناء كلمة رئيس حكومة الوحدة الوطنية في التغطية أن الكاميرا لم تكن مسلطة على مترجم الإشارة، بل سلطت على رئيس الحكومة والحضور فقط. 

    ونظراً لأهمية وسائل الإعلام في التوعية ونشر المعلومات المختلفة، والمشاركة في المحافل والتواصل بين المواطن والمسؤول، فإن هذا التهميش يعتبر عقبة رئيسة أمام هذه الشريحة للاندماج في المجتمع، وضمان حصولهم على حقوقهم في مجال الاستفادة من وسائل الإعلام.

التوصيات:

توصي الهيئة العامة لرصد المحتوى الإعلامي بالآتي:

  • أن تصدر الحكومة قرارًا يلزم وسائل الإعلام الوطنية، باعتماد لغة الإشارة في جميع النشرات، والبرامج المهمة.
  • أن يتم العمل على إطلاق ودعم المبادرات التي تساعد في انتشار لغة الإشارة، كالدورات التدريبية.
  • أن تخصص وسائل الإعلام التلفزيونية الوطنية حيزًا من برامجها التلفزيونية، لمناقشة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
  • أن يتم دعم الهيئة لتمكينها من الاستمرار في عملها، وأن يتم توفير الإمكانيات المادية والبشرية كي تقوم الهيئة بتنفيذ برنامج متكامل يضمن حقوق المواطنين في وسائل الإعلام.