أحيت الهيئة العامة لرصد المحتوى الإعلامي، اليوم الإثنين، الذكرى الرابعة لتأسيسها باحتفالية رسمية أقيمت بالمعهد العالي لتقنيات الفنون بطرابلس، بحضور ومشاركة ممثلين عن مؤسسات رسمية ومنظمات إعلامية وحقوقية.
وفي كلمة الافتتاح، استعرض رئيس الهيئة، السيد جلال عثمان، مسيرة المؤسسة في ترسيخ قيم المهنية وضبط جودة المحتوى الإعلامي، فيما عرض مدير إدارة الرصد تقريرًا سنويًا تضمن أبرز المؤشرات والنتائج التي خلصت إليها أعمال الرصد خلال العام المنصرم.
وشهدت الاحتفالية جلسة حوارية شارك فيها ممثلون عن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، ووزارة الثقافة، ومركز الدراسات الأمازيغية، ركزت على تعزيز التعاون المؤسسي وبناء بيئة إعلامية شاملة تراعي التنوع الثقافي.
جائزة الإعلام النظيف
وفي بادرة لتعزيز المهنية، منحت الهيئة “جائزة الإعلام النظيف” للمنصة الليبية الإخبارية تقديرًا لالتزامها بالمعايير الموضوعية.
وألقى رئيس الهيئة كلمة بمناسبة تسليم الجائزة، قال فيها أننا نعيش وقتٍ أصبح فيه الوصول إلى المعلومة أسهل من أي وقت مضى، لكن الوصول إلى الحقيقة أصبح هو التحدي الأصعب، إن الهيئة لا تهدف فقط إلى رصد الأخطاء أو التجاوزات، بل إن جوهر عملنا هو دعم الكلمة المسؤولة، وتشجيع المنابر التي تختار الطريق الصعب: طريق المهنية، والتدقيق، والمصداقية.
وأضاف رئيس الهيئة: لقد خضعت المؤسسات الإعلامية هذا العام لرصد دقيق، ووفقًا لمعايير صارمة تشمل: التحقق من المصادر، والابتعاد عن خطاب الكراهية، وتجنب الإثارة المضللة.
وبناءً على تقارير اللجنة المختصة، وعلى قرار رئيس الهيئة رقم (90) لسنة 2025، يسعدنا أن نعلن أن “منصة الإخبارية الليبية” قد قدمت نموذجًا يُحتذى به.
لقد أثبتت هذه المنصة أن النجاح الإعلامي لا يحتاج إلى ضجيج الشائعات، بل يحتاج إلى احترام عقل المتلقي.
وختم رئيس الهيئة قوله بأن منح “جائزة الإعلام النظيف لعام 2025” لهذه المنصة هو رسالة لكل العاملين في قطاع الإعلام مفادها أن: “المهنية هي المعيار، والصدق هو العملة التي لا تفقد قيمتها”. نبارك للزملاء في منصة الإخبارية الليبية، وندعوكم للاستمرار على هذا النهج.
كلمة رئيس الهيئة
الهيئة ليست أداة للسيطرة بل “عين مهنية” لحماية المجتمع من التضليل
في كلمة الافتتاح، قال السيد رئيس الهيئة إن الهيئة لم تكن يومًا مشروعًا حكوميًا يهدف للسيطرة على قطاع الإعلام، بل جاءت تنفيذًا لمخرجات لجنة الخبراء المعنية بإصلاح وتطوير الإعلام في ليبيا، والتي ضمت كفاءات من شرق وجنوب وغرب البلاد.
وأكد رئيس الهيئة أن تأسيس هذا الجسم لم يكن مجرد إضافة إدارية، بل كان انحيازاً أخلاقيًا ووطنيًا لضرورة وجود عين مهنية تحمي المجتمع من رصاص الكلمات، وسط عواصف التضليل، والشيطنة، وخطاب الكراهية التي شهدتها البلاد.
وأشار إلى أن الطريق لم يكن مفروشًا بالورود، حيث واجهت الهيئة تحديات جسيمة، من بينها الانفلات الإعلامي المعتمد على الإثارة، والعمل في بيئة انقسام سياسي حاد تتطلب حيادًا صارمًا للوقوف على مسافة واحدة من الجميع. وأضاف: “جئنا لنحارب التحريض فأصبحنا هدفًا له، وعزمنا على مناهضة الكراهية فنالنا منها النصيب الأوفر”.
وحول الدور الرقابي للهيئة، أوضح السيد رئيس الهيئة أن المؤسسة خيبت آمال المشككين الذين وصفوها بـ “شرطي الإعلام”، مؤكدًا أنها لم تتخذ إجراءات قمعية ضد الصحفيين، بل عملت على حمايتهم، ولفت إلى توقيع الهيئة في نوفمبر 2022 على خارطة طريق لسلامة الصحفيين في المنطقة العربية، والتي أسفرت عن إحالة قائمة لمكتب النائب العام تضم (40) صحفيًا ممن تعرضوا للاختفاء القسري أو الاستهداف منذ عام 2005 وحتى 2019، وذلك لضمان متابعة حقوقهم وتحديث بياناتهم لدى منظمة اليونسكو.
وأشار رئيس الهيئة في ختام كلمته إلى أن طموح العام الخامس يتمثل في الانتقال إلى الرقمنة الشاملة في عمليات الرصد، وحذر من حالة الفوضى الرقمية المتمثلة في انتشار مئات المنصات والإذاعات التي تعمل خارج الإطار القانوني، داعيً كافة المؤسسات الإعلامية للعمل بروح المسؤولية الوطنية لضبط المشهد الإعلامي وإنقاذ البلاد من تداعيات هذا الانفلات، وصولاً إلى إعلام مهني يصون السلم الاجتماعي.






