تحقيق العدالة يتم من خلال القضاء المستقل، وليس من خلال وسائل التواصل الاجتماعي
شهدت الآونة الأخيرة ظاهرة مقلقة تتمثل في نشر صور المتهمين بجرائم مختلفة على منصات التواصل الاجتماعي، ولا سيما فيسبوك، لبعض الجهات الأمنية. هذه الممارسة، وإن كانت تهدف في بعض الأحيان إلى تحقيق العدالة كما يعتقد القائمون بها، إلا أنها تمثل انتهاكًا صارخًا للمبادئ القانونية والإنسانية الراسخة، وتتعارض مع المواثيق الدولية والقوانين المحلية. كما أن نشر صور المتهم قبل صدور الحكم قد يؤثر على حياد القضاء، ويجعل من الصعب على المتهم الحصول على محاكمة عادلة، كما يؤدي إلى تلطيخ سمعته وسمعة أسرته، وتخشى الهيئة من حرمان المتهمين من حق عدم التعرض للتعذيب، أو العقوبة القاسية، أو المهينة، أو تعرض أسرهم إلى مضايقات وتهديدات نتيجة لنشر صور المتهم.
وتدعو جميع الأفراد والجهات إلى الالتزام بالقوانين والأنظمة النافذة، واحترام حقوق الإنسان، وعدم المشاركة في نشر صور المتهمين، كما تدعو وسائل الإعلام إلى التحلي بالمسؤولية المهنية، وعدم التشهير بالأفراد.
وفي هذا الإطار تشير الهيئة إلى أحكام المادة (31) من الإعلان الدستوري المؤقت، التي تنص أن “لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على نص، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة عادلة، تكفل له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عن نفسه، ولكل مواطن الحق في اللجوء إلى القضاء وفقاً للقانون.
وإلى المادة (11) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي وقعت عليه ليبيا، والتي تنص أن “كل شخص متَّهم بجريمة يُعتبَر بريئًا إلى أن يثبت ارتكابُه لها قانونًا في محاكمة علنية تكون قد وُفِّرت له فيها جميعُ الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه.
والمادة (59) من قانون الإجراءات الجنائية، والتي تنص “تعتبر إجراءات التحقيق ذاتها والنتائج التي تسفر عنها من الأسرار، ويجب على المحققين وأعضاء النيابة العامة ومساعديهم من كتاب وخبراء وغيرهم ممن يتصلون بالتحقيق أو يحضرونه بسبب وظيفتهم أو مهنتهم عدم إفشائها، ومن يخالف ذلك منهم يعاقب طبقاً للمادة (236) من قانون العقوبات.
وإلى منشور وزير الداخلية رقم 1 لسنة 2024 بشأن احترام حقوق الإنسان أثناء القبض على المتهمين، الذي نص في الفقرة (13) إلى “عدم القيام بنشر صور أو اعترافات من يتم القبض عليه على صفحات التواصل الاجتماعي باعتبار أن ذلك ينطوي عليه التشهير بشخص المتهم المقبوض عليه والذي يُعد بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي نهائي.
وإلى المبدأ رقم 12 من مدونة السلوك المهني الإعلامي (مبدأ الحد من الضرر والأذى) حيث جاء في الفقرة السادسة: التوازن بين حق المتهم الجنائي في المحاكمة العادلة، وحق الجمهور في الحصول على المعلومات.
وأخيرًا تؤكد الهيئة العامة لرصد المحتوى الإعلامي على أن تحقيق العدالة يتم من خلال القضاء المستقل، وليس من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ويحب على الجميع العمل للحفاظ على سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان.
الهيئة العامة لرصد المحتوى الإعلامي
طرابلس | 25 أكتوبر 2024